Friday, March 27, 2009

جمع مؤنث سالم


كما هو الحال كل يوم، تعود من عملها فى الثالثة و النصف عصراً، تتجه إلى المطبخ لتجهيز أكل اليوم. اشترط عليها من فترة الخطوبة أنه لا يحب الأكل البائت، لا يمانع أن يتكرر نفس نوع الأكل و لا يمانع أن يكون بكمية قليلة، و لكن شرطه أن يكون طازج ليومه.

يصل هو فى الخامسة و النصف، و تكون المائدة جاهزة فى السادسة تماماً، أمامه السلطة والحساء الذى يتصاعد منه البخار، و أى شئ من طبق اليوم.

تبادلا الحديث أثناء الأكل عما دار عليه يومهما، و بعدما انتهيا، قام و ترك طبقه كالعادة. نظرت إلى ظهره و همت أن تصيح به أن يرجع و يساعدها فى نقل الأطباق إلى المطبخ و لكنها آثرت الصمت؛ لم ترد ان تبدأ مشاجرة اليوم.

تمدد هو على الأريكة فى غرفة المعيشة و بدأت أصوات البلاى ستاشين تملأ البيت.
لملمت هى ما كان على مائدة الطعام ووقفت لتغسلهم، انزلق طبق منها فى الحوض و انكسر، أخذت تجمع بقاياه فجرحت إصبعها. نادت عليه، لم يسمعها.
فتحت المياه و تركتها تحنو عليه و انسابت الدموع على خديها؛ "اشمعنى هوة جه أكل و دخل يلعب و هيخش ينام بعد كدة و أنا اللى معكوكة هنا لوحدى، و هو أنا ما ليش نفس ألعب أو أنام يعنى؟"

أوووووه ياهووووووووووووو .. سمعت أصواته المتحمسة تأتى من الغرفة، تمتمت فى نفسها "طب يا رب ما تكسب.. هيه"

مرت من أمامه حاملةً سبت الغسيل، تتدلى منه أكمام قمصانه، سألته "عندك حاجة عايز تغسلها؟". لم يرد. "قال يعنى الموضوع محتاج تركيز أوى، يا أخى رد عليا!".
- طب مش عايز تشرب حاجة؟
- هه؟ لا لا كمان شوية استنى بس أحسن فاضل 20 ثانية و الجيم يخلص

أدخلت الملابس الغسالة و أدارتها، ثم جمّعت ما كان على الحبل و مرت أمامه ثانيةً متصنعة ثقل ما تحمله، و لكن لا حياة لمن تنادى.
فى غرفتهما، سوت الملابس و رتبتها على الرفوف، تعمدت إسقاط أشياء لعل وعسى أن يأتى على الصوت، و لكنه لم يأت. آلمها ظهرها، تتعاطى الكثير من المسكنات و لكن لا فائدة، لم تتحمل، اتجهت و هى محشودة بالغضب لتواجهه.
لم يفاجئها المشهد؛ رأسه ملقاة للوراء و رجلاه ممددتان على الطاولة و غطيطه يكاد يكون مسموعاً. اغتاظت و اشتد جنونها.

تركته و دخلت لتتزين، ارتدت لون مبهر و خلخال و قرط متدلى يصدر أصواتاً رنانةً، و نثرت من عطرها النفاذ.

هزت كتفه، حبيبى مش تقوم نقعد مع بعض شوية؟
- اممم
- يلا عشان خاطرى، انا كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع
- اممم
- طب فتح عينيك و بصلى كدة .. حاول
- امممم
هزته بشدة صائحة بعصبية: طب اتفضل قوم نام فى السرير، قوم!
- اممم حاضر

اتكأ عليها مترنحاً حتى وصل للسرير، لفته بالغطاء جيداً كأنه طفلها الصغير، جلست بجانبه تتأمل ملامح وجهه، ربتت على شعره و قبّلته على جبينه، ثم ذهبت لتلقى نظرة على الغسالة التى لم تنته بعد.


 

eXTReMe Tracker